Mental Accounting – احذر من خدع المحاسبة العقلية
المتعارف عليه ان احنا بنكون حذرين جدا لما بنتعامل مع الفلوس و بنحاول نكون عقلانيين جدا في اتخاذ القرارات اللي فيها أي صرف للنقود .
و لكن الحقيقة ان احنا كلنا أحيانا بنتصرف بطريقة غير عقلانية في التعامل مع الفلوس.
تعالى نشوف مثال سريع :
لو كنت رايح تشتري موبايل من مكان سعره فيه 6000 جنيه و عرفت انه موجود في مكان تاني أبعد 5 كيلومتر ب 5950 جنيه غالبا مش هتروح و تشتريه ب6000 و خلاص، في حين ان انت نفسك و انت بتشتري جراب للموبايل ب 200 جنيه لو عرفت ان هو نفسه موجود ب 150 جنيه في أي مكان تاني أبعد 5 كيلو هتروح مخصوص أكيد.
مع ان المبلغ هو نفسه 50 جنيه في الحالتين، بس انت عاملته بطريقة مختلفة كل مرة حسب الموقف و نوع المنتج اللي بتشتريه، الحقيقة ان عقلك هو اللي اتصرف بطريقة مختلفة في المرة الأولى عاملت ال 50 جنيه كأنها ثمانية من عشرة في المية، فمش مهمة تماماً و في المرة التانية عاملها كأنها خسارة كبيرة 25% و بناء عليه اتصرفت في حين ان المبلغ هو نفسه.
اللي حصل ده اسمه Mental Accounting – المحاسبة العقلية و فيها العقل بيعامل نفس المبلغ من المال بطريقة مختلفة طبقا لمعايير شخصية غير موضوعية و في الأغلب تؤدي لنتائج ضارة و قرارات خاطئة.
و هو أحد مفاهيم الاقتصاد السلوكي- Behavioral Economics لريتشارد ثالر Richard Thaler .
في ال Mental Accounting العقل مش بيعامل الفلوس بقيمتها الفعلية فقط، بيعطي نفس المبلغ قيمة مختلفة و بيقسّم الفلوس ل Mental Categories بناء على معايير مختلفة زي :
مصدر الأموال و امتى تم الحصول عليه و المجهود اللي تم بذله في الحصول عليها
الأموال دي هيتم صرفها في ايه و امتى هيتم الدفع
نتيجة للمعايير غير الموضوعية دي، بنأخد قرارات غير عقلانية أحيانا زي المثال اللي فات.
و دي تجربة مشهورة اتعملت لتأكيد الفكرة :
سألوا مجموعة من الناس تصرفهم هيكون ايه في الحالتين دول :
الحالة الأولى :
لو كنت اشتريت تذكرة سينما ب 10 دولار و اكتشفت و انت جي تدخل السينما ان التذكرة ضاعت، و مفيش فرصة لاسترجاعها لازم شراء تذكرة جديدة هتشتري ولا لأ ؟
الحالة الثانية:
و انت على شباك التذاكر قبل ما تشتري التذكرة اكتشفت ان فيه 10 دولار وقعت من المحفظة، هتشتري التذكرة ؟
في الحالة الأولى : 54% قالوا انهم مش هيشتروا التذكرة التانية و 46% هيشتروها عادي.
في الحالة الثانية: 12% بس هم اللي قالوا مش هيشتروا و 88% هيشتروها عادي خالص.
وده لإن في الحالة الأولى العقل هيترجم ان التذكرة أصبح سعرها الضعف. لكن في الحالة الثانية العقل ترجم ال 10 دولار اللي ضاعت في category و سعر التذكرة في category تاني ليس لهم علاقة ببعض.
و في أمثلة تانية كتير لتأثير الMental Accounting في حياتنا اليومية :
مثلا ممكن عادي تتقبل لما تكون بتحاسب في مطعم أو محل انه يديلك الباقي ناقص 2 أو 3 جنيه، لكن صعب جدا نتقبل ده لو بنشتري من بقالة أو كشك مثلاً في نفس اليوم مع انه نفس المبلغ.
سهل جدا تدفع بالكريدت كارد أكثر من الكاش عشان عقلنا بيترجم ان الدفع لسة قدام مش دلوقتي يعني أجلت الخسارة و ده بيكون أريح لينا (ودي مصيبة ال Plastic Money ( و نفس المشكلة في الأقساط، ممكن معاك المبلغ كامل و مش محتاجه دلوقتي بس تفضّل تقسطه بفائدة عشان تؤجل الدفع و الخسارة.
الأسوأ بقى في الموضوع ده، انك ممكن يكون عليك دفع مستحق لحساب الفيزا و بيحسب عليك فوائد كثير، و في نفس الوقت عندك حساب أو شهادة فيها فلوس بس لا يمكن تسحب منها، مع ان على المدى الطويل ممكن الفوائد اللي بتتحسب عليك من الفيزا تكون أعلى من أي فوائد بتدخلك من أي توفير و انت كدة بتخسر، لكن العقل بيحسب بشكل عاطفي غير عقلاني ان دي فلوس توفير ما ينفعش نقرب لها.
آخر مثال لما بتجيلك فلوس إضافية غير دخلك الأساسي، Bonus مثلا أو شغل مش معمول حسابه، أو فلوس لشغل قديم أوي و جتلك فجأة. غالبا بنعامل الفلوس دي كأننا لقيناها و مش بتاعتنا و بنقرر نصرفها كلها في أي حاجة ترفيهية زيادة أو تافهة ملهاش لازمة عشان ندلع نفسنا، في حين ان احنا علينا أقساط في حاجات تانية، لكن لأ العقل الجميل حط الفلوس دي في خانة الذكريات خلاص 🙂
طبعاً الحاجات دي كلنا بنقع فيها و أنا أول واحد لإن ده في طبيعتنا كبشر، بس كل لما تفهم عقلك بيفكّر ازاي تقدر تسيطر عليه أكتر و تخليه عقلاني أكثر.
طبعاً لازم في الآخر نعرف الكلام ده ممكن نستفيد منه ازاي في البيع و التسويق و حتى في إدارة البيزنس نفسها ككل، حسيب الموضوع للنقاش في التعليقات و نجمع كل التعليقات في مقال منفصل.
اعرف أكثر عن ال Behavioral Economics – الاقتصاد السلوكي و تطبيقاته من هنا
